Wednesday, 18 May 2016

البداية في كتابة السيرة النبوية


البداية في كتابة السيرة النبوية [1]

محمد أنيس هداية


النبي صلى الله عليه وسلم هو المقتدى والأسوة الحسنة للأمة الإسلامية. وبسيرته المثالية وصورته الكمالية أصبحت الأمة طوع دستور عدل وقانون كامل، وقد بدت منذ زمن الصحابة والتابعين مبادرة العناية بالسيرة النبوية رواية وكتابة و تناولها إلى الأجيال وحمايتها من الانحراف والإبدال. فمنهم عروة بن الزبير وابن شهاب الزهري وعاصم بن عمر وموسى بن عقبة وغيرهم. وتوّجت هذه النزعة بابن إسحق مع سيرته الكاملة الموثوقة. وأوائل كتب السيرة أنموذج يتضح من مناهجها اتجاهاتهم المخلصة بنقل أحوال النبي كليا من الحضار إلى الغياب والأجداد إلى الأحفاد في تمجيده وتبجيله وتعظيم أموره وإرساخ محبته في القلوب. وهذا البحث يستهدف إلى إلقاء الضوء حول بوادئ الاتجاهات في السيرة النبوية وأصحابها المذكورين في كتب المعاجم والتاريخ.

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم. وبعد، فلقد تميز المسلمون باعتنائهم الفائق عن حياة سيدهم محمد ص. وتكونت صفحة جديدة في حياة العرب بظهور البعثة والرسالة الإسلامية. وبعد تدوين القرآن الكريم والأحاديث النبوية في القرن الثاني من الهجرة النبوي، توافرت في التاريخ كتب سيرة النبي وتوابعها إلا أن جذورها تنتمي إلى زمن الصحابة وأكابر التابعين باقتداء حياة النبي ص. وانطلاقا من أن عرب الجاهلية اشتغلو بأيامهم وحروبهم وقبائلهم، أصبحت أخبار الجاهلية المصدر الأول لأوائل السيرة النبوبة. والأحاديث الشريفة لعبت دورا هاما في بيان وسيرته وشمائله وما تتعلق بها.
وتناولت الشفاه باعتبار  سوانح السيرة المصطفوية والوقائع المرتبطة بشخصية الرسول المتميزة كليّا من أحواله قبل البعثة، ثم هجرته وحروبه ودواعي انتشار الإسلام في المدينة المنورة. واشتغل بنقيره وقطميره وحتى بأدق التفاصيل عن شخصيته الفذة. وأصبحت التاريخ الإسلامي في حُلتها الجديدة حيث صارت قدوة حتى للتاريخ العالمي العلمي.
وبعض كتب التفسير بيّن أيضا بعض الوقائع المتعلقة بالآيات القرآنية تابعا لها. وأكثر كتب السير في بوادئها مركبة بالأحاديث النبوية واشتغل بهاسيما أهل المدينة لأنهم أحق بها. ثم تطور هذا الفن حتى انفصل عن المغازي والشمائل من الأحاديث النبوية وتدرّج إلى آفاق حسب بزوغ فجر الإسلام في كل الأنحاء. فبوادئ السيرة العطرة مفهومة عبر إسهامات ثلاثة أجيال في القرون الهجرية.
الجيل الأول
الفئة الأولى من علماء التاريخ الإسلامي علماء في المدينة المنورة من التابعين. فكانت سيرتهم مجرد الروايات عن حياة النبي ص شاملا في هذا المجال. ومن الرواة للسيرة في أول أمرها ثلاثة من التابعين: إبان بن عثمان، وعروة بن الزبير ووهب بن منبه. وكانوا مصادر السوانح العطرة للسيرة النبوية لأصحاب الكتب بعدهم.
1 - إبان بن عثمان (ت 105/723)
وهو ابن الخليفة الثالث أمير المؤمنين عثمان بن عفان الذي استوطن المدينة ثم أقام بمكة. وكان فقيها ومحدثا روي عديدا من الأحاديث التي تكون ذات صلة بحياة الرسول ص وتعاليم الإسلام. ويروى أنه جمع أخبارا عن الرسول وحياته ومغازيه في رسالة، إلا أن بعض الإخباريين  قالوا بأن معه أحاديث رواها عنه نحو تلميذه عبد الرحمن بن المغيرة (ت 125). ومن العجب أنه لا يذكر عن هذا شيء في كتب ابن هشام ولا ابن سعد.
2- عروة بن الزبير (ت 92/ 710)
هو عروة بن الزبير ، ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأحد الفقهاء السبعة في المدينة. وهو المؤرخ الفقيه الذي تتلمذ على خالته عائشة الصديقة حتى أصبح ثقة في رواية التاريخ الإسلامية عن العقود الأولى نحو الهجرة إلى الحبشة ثم إلى المدينة ووفاة خديجة الكبرى وغزوة بدر وفتح مكة المكرمة وغيرها.  وبصلته المتواصلة مع الخلفاء الأمويين، غادر إلى دمشق ما بين آونة إلى أخرى، بما تبوّأت المكانة العليا في نشر السيرة على المستوى الرسمي حيث التجأ إليه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في احتياجه معلومات عن تاريخ الإسلام الأول. وبالرغم من هذه المراسلات اشتهر بالإملاء على طريقة إسناد الأحاديث النبوية حتى يعتبر مؤسس علم التاريخ الإسلامي. وروى عنه حتى مقتطفات الأشعار كثير من المؤرخين كابن إسحق والواقدي والطبري، ولم يثبت عنه كتاب في التاريخ سوى أنه صاحب الصحيفة الصادقة في الأحاديث التي لها صلة بالأحكام الشرعية.
3- وهب بن منبه (ت 110/728)
هو وهب ابن اليهودي، الفارسي أصلا واليمني بلدا. وكان من طليعة من اهتم بكتب اليهود والمسيحيين المقدسة وبتقاليدهم الدينية بالملكة الاستثنائية بعلاقته لهم. وقد اشتهر بكتابه في المغازي حيث يسلم جمهور الأمة مع عديد سواها عن المغازي وتاريخ اليمن. واسم كتابه مختلف فيه: كتاب المبتدأ أو الإسرائيليات أو قصص الأنبياء. فربما أسند وتركه في دونها،  حسب توسعه عن المغازي إلى ما سواها من بيعة العقبة الكبرى واجتماع أهل مكة في دار الندوة واستعدادات الهجرة وغيرها.  وقد اكتشفت مخطوطة هذا الكتاب في هيدلبرغ.

الجيل الثاني
ظهرت بداية الجمع والتدوين للسيرة مما لها صلة بحياة النبي ص ومغازيه عن بعض الأحاديث في الجيل الثاني المشتملين من: عبد الله بن حازم، وعاصم بن عمر وابن شهاب الزهري. فبالتسهيلات الرسمية من الحكام والأحوال اللائقة ساهموا في نشر هذه المهمة الأبية. وقد روي لكلهم كتاب مستقل في هذا المجال سوى أنها لم نجدها إلا في روايات بعض كتب السير بعدهم.
1 – ابن حازم (ت 135/752)
هو عبد الله بن أبي بكر بن حازم، صاحب الباع الطويل في الحديث الشريف وأحكام الفقه الإسلامي في مدرسة المدينة. فتخصص عن حدود المغازي إلى شباب النبي ص وبعثته المبكرة ووفود القبائل بالتوسع في المنهج الإسنادي. ولم يوجد إلينا كتابه في المغازي إلا أنه هو من أهم مصادر ابن إسحق والواقدي وابن سعد والطبري في اقتباساتهم التاريخية عن حياة النبي ص. وهو أول من تجرّب التقويم الترتيبي والتسلسل الزمني للحوادث المتعلقة بغزوات الرسول ص. واستند إلى الوثائق المكتوبة في كتابة السيرة نحو رسائل النبي ص إلى الملوك والقبائل. وروي عنه ابن إسحق حظا وافرا مشتملا على بعض الأشعار اللأئقة فيها.
2- ابن قتادة ( ت 120/ 733)
هو عاصم بن عمر بن قتادة من المهتمين بالمغازي والسير من علماء المدينة المنورة. واشتهر فيها بمحاضراته ودروسه من الجامع الأموي بدمشق أثناء 99 و101 الهجري. وكان هذا بدعوة الخليفة عمر بن عبد العزيز مع وافر التسهيلات له في العاصمة لإلقاء الدروس المنظمة عن حروب الرسول ومغازيه بالإضافة إلى مآثر الصحابة. وقام بعض الطلبة بتسجيل هذه المحاضرات القيمة. ولإمهال الخليفة يزيد بعده عاد إلى المدينة نفسها بعد الفترة مع علمه السامي في السيرة والمغازي. وتدل اقتباسات ابن سعد في الطبقات عن عاصم أنه أتى ببعض التفاصيل التي تتعلق بحياة الرسول ص الأولى في المكة المكرمة كما أنه في أغلب الأحيان لا يورد السند وفي بعضها يذكر رواته وثقاته مع تدريج آرائه الشخصية في بعض الوقائع التاريخية كما أنها محلاة بروايات بعض الأشعار.
3 – محمد ابن شهاب الزهري (ت 124/ 741)
وهو صاحب اللواء في هذا المجال، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري من أصول الأنصار في المدينة المنورة. وينتمي إلى القرشيين المكيين من بني زهرة. ومع لقبه بأعلم أهل المدينة كان ذا ذاكرة قوية ورائدا في الاستقصاء والتحقيق والتمحيص بتقصّي الحقائق واستجواب الأشخاص الموجودة  الذي بوّأ له تلك المكانة المرموقة في تدوين السنة النبوية على الإجمال. وأخلف ثقافة علمية سائدة في مجال التاريخ الإسلامي. ومع شهرته لدى الخلفاء الأمويين عبد الملك وابنيه يزيد وهشام، أمره عمر بن عبد العزيز  بتدوين الأحاديث النبوية خوف الاندراس لوافر ذكائه وفكره الحار والبحث العلمي. فكان ألف فيه وفي تاريخ أسرته وفي المغازي كتبا. ومن الأسف أنه لم نطلع على أي منها سوى بعض روايات من بعده عنها في كتبهم ككتب الحديث وكتب التاريخ الإسلامي. ويفهم من تآليف تلامذته عن أماليه أنه كان يستعمل الأسانيد وسلسلة الرواة على الأكثر في كتبه ورواياته.
الجيل الثالث
وبهذا العصر ظهر النضوج في البحوث العلمية والتاريخ الإسلامي ككتابة سيرة النبي ص خصوصا، وفي باقي الفنون بشكل عام.  وتطورت بظهور كتب ومؤلفين بالمعنى الحقيقي بالتنظيم والتحقيق عن حياة رسول الله ص أو بعض النواحي المختصة منها. وتكاملت كتابة السيرة النبوة بهذا الجيل من المؤرخين. وهم أيضا ثلاثة نفر: موسى بن عقبة ومعمر بن راشد ومحمد بن إسحق.
1 – موسى بن عقبة (ت 141/ 758)
كان مولى لآل الزببير وازدهر بعد تلمّذه على ابن شهاب الزهري. وتبحّر في المغازي كما قال مالك بن أنس: "عليكم بمغازي موسى، لأنه ثقة صدوق". ولم يوجد من كتابه إلا بعض المقتطفات المحفوظة في المكتبة الوطنية الإيرانية. ونشر هذا الكتاب المحقق في عشرة فصول متضمنا بالأحاديث الشريفة عن مغازي النبي ص والهجرة بأوسع معانيها عن الزهري على الأكثر. وشملت أسماء المهاجرين والبدريين ما سهل الطريق بعده لابن سعد والواقدي والطبري.
2 – معمر بن راشد (ت 150/767)
كان من الموالي البصريين وتلميذا لابن شهاب الزهري. وإنما توجد الآن روايات عنه حيث كان المصدر الرئيسي للواقدي وابن سعد والطبري والبلاذري في معلومات عن المغازي بالإضافة إلى إسرائيليات متعلقة من التوراة وأخبار الديانات السابقة والأنبياء المتقدمين، وتاريخ الرسول من قبل الهجرة. فبموهباته الحلمي والعلمي رحل البلاد الإسلامية خارج المدينة بخلاف غيرهم من المؤرخين السابقين حتى وصل مقاطعات اليمن. وقد روي عنه كثير من الوقائع التاريخية.
3 –ابن إسحق (ت 85-152/704-769)
هو أبو عبد الله محمد بن إسحق المعروف كأول من ألف سيرة نبوية كاملة من مبدإها إلى منتهاها. وبأسر أجداده في زمن أبي بكر، استوطنت أسرته المدينة كالموالي وتعمق في الحديث والأحكام الشرعية. وانضم ابن إسحق في أوائل شبابه إلى محاضرات الزهري، وأخذ من التابعين كعاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكر. واضطر أن يرحل إلى مصر لعداء شخصية مع هشام بن عروة ومالك بن أنس، فانضم إلى دروس يزيد بن أبي حبيب هناك. ورجع بعده إلى المدينة نفسها ثم ذهب إلى العراق لخدمة الخليفة أبي جعفر المنصور. فبسمعته في المغازي مع ثقته وأمانته المشهورة، قابلت الأمة هناك كتابه المشهور "سيرة رسول الله". فبالرغم من مدح المداحين نحو عمله وشخصيته، واجه كثيرا من الانتقادات من المسلمين وغيرهم.
سيرة ابن إسحق
ابن إسحق هو صاحب اللواء في سرد حياة الرسول بمكانة طبيعية من التاريخ العالمي. وشمل جميع معارف العرب القديمة والحوادث ومن مولد النبي ص إلى الانتهاء من العهد المدني كليا ضمن ثلاثة أقسام من كتابه: (1) المبدأ أو المبتدأ، (2) المبعث، (3) المغازي.
فاعتمد في الأول على مرويات ومأثورات يهودية ومسيحية وعلى سير الأنبياء السابقين من مدوّن وهب باسم "كتاب المبتدأ" أو "الإسرائيليات". وقسم المبعث قص عن الاضطهادات القرشيين على المسلمين في أول الإسلام وما تليها من الحوادث إلى أول معركة عسكرية نشبت بينه وبين أعدائه من المدينة بعد الهجرة. فالمغازي شامل للوقائع التاريخية من حياة الرسول ص في المدينة إلى وفاته بغاية الدقة والصحة. فاستقى من المصادر الرئيسية كالقرآن الكريم فيما تتعلق بغزوة بدر وأحد والأحزاب وغيرها كحديث الإفك تابعا للتفاسير من الصحابة وأكابر التابعين. واعتمد اعتمادا كبيرا على الأحاديث النبوية الموثوقة في أحواله وهجرته ومغازيه وما إليها بتوافر المواد. وقد عانى في مصادره أخرى مثل: الأنساب العربية، والأشعار التاريخية، والمعلومات الإسرائيلية، والمواد الوثيقة والمأثورات عن الأشخاص. ولم يورد آرائه الشخصية أثناءه كما استعمل في الأمور المترددة كلمة "زعم أو زعموا". ومنهج ابن إسحاق يقوم على إيراد الأخبار بالأسانيد التي وصلت إليه، وبعضها موصول وبعضها منقطع أو معضل، سيما في القسم الثالث عن نحو عاصم والزهري، في حين أن بعض الأخبار يوردها بدون إسناد. فحاول أن يجمع بين منهج المحدثين القائم على الأسانيد ومنهج الأخباريين المتحررين من الالتزام بالأسانيد.
ولا توجد سيرة ابن إسحق الأصلية إلا معدّلة ومنقحة بأيدي عبد الملك بن هشام البصري (ت: 218/799). وسمع نسختها عن أستاذه البكائي. واستبعد التاريخ التوراتي منها من آدم ع إلى إبراهيم ع فحذفه كمن ليس في نسب النبي بعد إسماعيل ع. وقد بين خطته في المقدمة بتلخيص سيرة ابن إسحق من حجمه الأصلي مع حذف أقاصيص غريبة ليست مباشرة بحياة النبي ص والأشعار المنتقدة. ومدحه مستقبل الإسلام كالسيوطي بصنيع ابن هشام هذه التعديلات الجوهرية مع الإضافات المهمة. وأصبحت أول المصادر المتداولة عن التاريخ الإسلامي كما أنه طبعت مرارا في شتى أنحاء العالم بما فيها الحواشي والتعليقات والتقريرات والترجمات.
وتكميل صورة التطور في كتابة السيرة النبوية كان بظهور كتابين بعده: المغازي للواقدي وطبقات ابن سعد. فلعبا دورا لا مثاليا في إكمال هذا التطور الفني التدريجي إلى ذروة ما مهّد الطريق للكتب بعده بالتركيز على مقتطفات من السيرة المصطفوية. وهذه الكتب لعبت معيارا مصدريا لما  بعده كالأخبار الطويل لأبي حنيفة الدنيوري، وتاريخ الأمم والملوك لمحمد بن جرير الطبري، وفتوح البلدان للبلاذري، وكتاب مكة وأخبارها وجبالها للأرزقي وغيرها من الكتب القيمة.
كتاب المغازي للواقدي
هو أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي (ت 207/823). وسمع من المدينة من مالك بن أنس ومعمر بن راشد وغيرهما. وبالرغم من تشيعه فاز بالتعاون الحكومي من الخلفاء العباسيين سيما الرشيد والمأمون، وحظي باهتمام التأليف والتعمق في التاريخ الإسلامي مع ما قيل كان عنده ست مائة قمطر كتب وعبدين للكتابة والنسخ. ووصل إلينا من كتبه "كتاب المغازي" المكتشفة عن الحديث الشريف والفقه الإسلامي حسب اهتمامه إليهما مع المصادر السابقة والعهود والمواثيق ونحوها. وسرد أسماء الثقات المقسمة في مقدمته كما تبرز هذا بالمنهجية الحيوبة وعملية البحث والتحليل المثير. فالواقدي جعل حقل المغازي مجالا خصبا، بل أقل مستعمل الأشعار من ابن إسحق. وروي عنه كتب في فتوحات المكة والشام والعراق وغيرها من كتب التاريخ.
الطبقات لابن سعد
هو أبو عبد الله محمد بن سعد بن مانع البصري (ت 230/844)، كاتب الواقدي وأمين سره. وأخذ عنه وهُشيم وسفيان بن عيينة والوليد بن مسلم. وارتحل من البصرة حتى استوطن بغداد فدرس فيها الحديث. وكتابه في الطبقات نسيج وحده في ترتيب سير الأشخاص حسب الترتيب الزمني والتاريخ التسلسلي. وألحق في طبقاته أخبار النبي ص مع تفاصيل المعاهدات والسفارات ومرضه وغيرها من المراثي والقصائد في شأنه ص. وإنما طبع الكتاب محققا في القرن الرابع عشر الهجري في هولندا. والغاية الأساسية من جمع هذه المواد كانت المساعدة في تنقية الأحاديث النبوية ورجال السند. وكتاب ابن سعد هذا يحوي تفاصيل مهمة أكثر عن سيرة ابن إسحق، إلا أنه مع مصدريته الرئيسي هشام بن السائب الكلبي تعطي هذه الثلاثة صورة واضحة وكاملة في السيرة النبوية.
الخاتمة
تميزت الأمة المسلمة باختصاصهم وعنايتهم بالسيرة النبوية. وتوجد لكتابة السيرة بواعث دينية وعلمية وجدلية من نحو تعليم العبادات والأخلاق كما أن الجدل الديني انبعث في الدفاع عن الرسول من ذب أهل الكتاب وغيرهم على أقوالهم وزعمهم الباطلة بهذا الصدد مصداقا لقوله: والله يعصمك من الناس، الآية. ومن كتب التاريخ الإسلامي ما تركزت مجرد أخبار معينة أو مجموعة من الأخبار أو تاريخ الإسلام أو العالم بالعموم. فمن الأجيال تبادلت هذه الفكرة الحية حتى دونت جميع جوانب السيرة من عصر التابعين ومن بعدهم، حتى بلور وتطور هذا المجال. وتوجد عن هذه في نحو كتاب الفهرست لابن النديم وكشف الظنون لحاجي خليفة.



[1] د/ محمد ماهر حمادة، مراجع مختارة عن حياة رسول الله صلعم، (الرياض: دار العلوم للطباعة والنشر، 1402)، من ص 19- 52.

No comments:

Post a Comment